ما من شكٍ بأن إدمان الكحول يُعَد واحدًا من أكثر التحديات الصحيةِ والنفسيةِ تعقيدًا، إذ يرتبط المدمن بهذا السلوك الإدماني من خلال مجموعةٍ من الروابط الراسخة، والتي يجب أن تُفهَم جيدًا قبل البدء في إحداث التعديلات السلوكيةِ المنشودة.
يقدم مقالُ اليوم الإجابات الوافية عن كافة الأسئلة المتعلِّقة بكيفية التخلص من إدمان الكحول، حيث يتم التطرق بشكلٍ تفصيلي إلى جميع الخطوات التي يمر بها المدمن خلال رحلة التعافي.
كيفية التخلص من إدمان الكحول
الإجابةُ عن الأسئلةِ المتعلِّقةِ بكيفية التخلص من إدمان الكحول ستأخذنا إلى الخطوات التي يخطوها المدمن خلال رحلة التعافي، والتي تكون مليئةً بالتحديات، فالقائمةُ التالية تستعرض أبرز هذه الخطوات:
- الاعتراف بإدمان الكحول.
- تحديد محفزات تناول الكحول.
- وضع الإطار الزمني المناسب للتعافي التام.
- تلقِّي الدعم من العائلة والأصدقاء.
- إحداث تعديلات على الوسط المحيط.
- التأهب لأعراض الانسحاب (Withdrawal symptoms).
- القيام بممارسات الرعايةِ الذاتية.
- الاستفادة من البرامج العلاجية الموجهة لمدمني الكحول.
الاعتراف بإدمان الكحول
- غالبًا ما يتم التغاضي عن هذه الخطوةِ بوصفها خطوةً بديهيةً، ومع ذلك يظل الاعتراف أمرًا ضروريًا لتمهيد طريق التعافي وتعزيز إرادة المدمن، فبهذا النهج سيؤمن بقدرته على العدول عن هذا السلوك.
- من الضروري أن تكون أسبابُ الرغبةِ في الإقلاع مضمنةً في اعتراف المدمن، إذ يؤدي تدوينُ تلك الأسباب إلى بقائه في حالةٍ من التحفز طوال فترة التعافي.
- النظر إلى الجانب المظلم من إدمان الكحول ودوره في تدهور الصحة، تبديد الأموال، وتوتر العلاقات سيكون عاملًا منفرًا، وهو ما سيدفع بالمدمن إلى مواصلة رحلته العلاجية.
تحديد محفزات تناول الكحول
لا شك أن فهمَ العلاقةِ التي تجمع المدمن بالسلوكِ الإدماني يمثل خطوةً حاسمةً في طريق التعافي، لذا يوصى بإجراء تقييمٍ دقيقٍ للوقوف على الأسباب وراء تناول الكحول، فقد يكون الكحول وسيلةً يتخذها المدمن لتحييد التوتر والضغوط النفسية التي يتعرض لها، وربما يكون طريقتَه الخاصة للانفتاحِ على الآخرين والتواصلِ معهم اجتماعيًا.
- رصد كمية الكحول التي يتم تناولها، تتبع عدد مرات التناول، وتحديد الشعور الذي يتملَّك المدمن بعد الانتهاء من تناول الكحول هي كلها أمورٌ مفيدةٌ لاستكشاف العلاقةِ الحاليةِ التي تجمع المدمن بسلوكِه الإدماني.
- من خلال الوعي التام بمحفزات تناول الكحول، سيتمكن المدمن من اجتناب تلك المحفزات، وفي هذه الأثناء سيصبح قادرًا على وضع الخطةِ الملائمة لكبح رغباته المُلحَّة.
وضع الإطار الزمني المناسب للتعافي التام
التخلص من إدمان الكحول يستلزم المرور بمراحل مختلفةٍ لتقليل الكميات بصفةٍ تدريجية، ذلك أن التوقف التام بصورةٍ فجائيةٍ يتسبب في أعراضٍ انسحابيةٍ يصعب على المدمن تحملها، خاصةً إن كان واحدًا ممَّن عكفوا على تناول الكحول لفتراتٍ طويلةٍ من حياتهم.
يوصى المدمن خلال هذه الخطوة بالعمل على إعادة بناء ثقته بذاته، فعليه أن يحتفل بالإنجازات التي يحرزها في طريقِ التعافي مهما بدت صغيرةً، وفي الوقت نفسه يجب أن يتعامل مع الانتكاسات المحتملة بصورةٍ إيجابيةٍ، ذلك أن الانتكاس بعد العلاج من الإدمان يمثل جزءًا من رحلةِ العلاج.
تلقِّي الدعم من العائلة والأصدقاء
السريةُ التي يفرضها المدمن على رغبته في الإقلاع عن الكحول لن تزيد الأمر إلا تعقيدًا، فالسماح للآخرين بمعرفة قرار التوقف سيساهم بدرجةٍ كبيرةٍ في مساعدة المدمن على العلاج والالتزام بقراره، إذ يبدو أمامهم في ثوب الشخص المنضبط الذي يلتزم بتنفيذ الوعود التي قطعها على نفسه.
بالإفصاح عن الرغبةِ في الإقلاع، سيجد المدمن أيادي العونِ، وقد امتدت إليه من قِبَل أفرادِ العائلةِ والأصدقاءِ المقربين، ليتمكن حينئذٍ من الانتفاع بالخبرات الحياتية لهؤلاء الأفراد حتى تُكلَّل رحلة تعافيه بالنجاح.
يمكن للمدمن اصطحاب أحد الأشخاص الذين يحظون بثقته وتقديره إن اضطر إلى الذهاب لإحدى الحفلات التي تشهد تقديمَ المشروبات الكحولية، فمن خلال هذه الحيلة سيجد المدمن حرجًا في تناول الكحول بعكس ما يكون عليه الحال إذا ذهب لتلك الحفلات بمفرده.
إحداث تعديلات على الوسط المحيط
تُظهِر الأبحاث أن الغالبيةَ العظمى مِمَّن يتناولون الكحول يرون أنه يحسن مزاجَهم، إلا أن إدمان هذا السلوك قد يكون نتيجةً طبيعيةً لوجود المدمن في بيئةٍ تيسر له الوصولَ إلى الكحول كلمَّا رغب في ذلك، الأمر الذي يستلزم إحداثَ بعض التعديلات على الوسط المحيط، والتي تشمل كلًّا من:
- إزالة الكحول من المنزل: لا شك أن توفر الكحول داخل المنزل يحض المدمن على تناولِه كلَّما راودته نفسه لذلك، لذا يوصى بإزالة الكحول من المنزل بشكلٍ تام، فما إن يبدأ المدمن في التفكير بمغادرة المنزل لشراء الكحول، حتى تظهر المشتتات التي تساهم في عدولِه عن هذه الفكرة.
- البحث عن مشروبٍ بديل: في ظل غياب المشروب البديل للكحول، سيشعر المدمن بمدى الحرمان الذي يكابده، ومن هنا تتضح أهميةُ المشروبات البديلة مثل: العصائر والمشروبات الغازية المنكهة، فهي تعمل إزاحة الكحول لإعطاء المدمن لذةً من نوعٍ آخر.
- الانشغال بالأنشطة البديلة: قد يلاحظ المدمن أنه يداوم على تناول الكحول في وقتٍ محددٍ من اليوم، وفي هذه الحالة يُنصَح بوضع الجدول اليومي على النحو الذي يضمن انشغال المدمن في هذا التوقيت بأحد الأنشطةِ الممتعة لكسر هذا النمط الإدماني.
التأهب لأعراض الانسحاب
لن يكون طريقُ التعافي مفترشًا بالورود كما يُخيَّل إلى بعض المدمنين الذين يظنون أنهم قادرون على الإقلاع فور اتخاذ هذا القرار، ذلك أن التوقف عن تناول الكحول يقترن بظهور أعراض الانسحاب (Withdrawal symptoms) التي تزداد شدتها كلمَّا كان المدمن شرهًا إلى الكحول، وهو ما يستلزم طلبَ الرعايةِ الطبية للتعاملِ مع هذه الأعراض بالشكل الصحيح الذي يحول بين المدمن وطريق العودة إلى سلوكِه الإدماني من خلال التأهيل النفسي، فالقائمةُ التالية ستوضح أبرز هذه الأعراض:
- القلق (Anxiety).
- الصداع (Headache).
- الإعياء العام (General fatigue).
- الأرق (Insomnia).
- التغيرات المزاجية (Mood changes).
- التعرق (Sweating).
القيام بممارسات الرعايةِ الذاتية
اللجوء إلى الكحول بوصفه الملاذ الآمن للتخلص من الضغوط والمشاعر السلبية لن يدع أي فرصةٍ للعلاج من الإدمان، لذا يتعين على المدمن إيجاد السبل البديلة للتعامل مع تحديات الحياة، وذلك حتى يكون في حالةٍ نفسيةٍ وصحيةٍ جيدةٍ لا تُكرِهه على العودةِ للمسار الإدماني.
- الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، تناول الأطعمةِ الصحية، وممارسة تمارين التأمل قد يُشكِّل أداةً فعالةً للاعتناء بالنفس وصدها عن تناول الكحول.
- إعادة النظر في الهوايات والأنشطة الممتعة يُعَد إجراءً ضروريًا لتشتيت الذهن وتعويض المدمن عمّا فقده من بعض اللذةِ التي كان يجدها في تناول الكحول وسط جمعٍ من الأصدقاء.
الاستفادة من البرامج العلاجية الموجهة لمدمني الكحول
التخلص من إدمان الكحول ليس بالمهمة اليسيرة التي يقوى الجميع على القيامِ بها بصورةٍ منفردة، لذا يُنصَح دائمًا بالاستفادةِ من البرامج العلاجية الموجهة لمدمني الكحول، إذ يتم التدخل الطبي حينما يقيم المدمن داخل إحدى المنشآت الصحية التي تتولى مهمة علاجه.
تتضمن البرامجُ العلاجيةِ في أفضل مركز لعلاج الإدمان بالكويت بعضَ الممارسات الطبية، النفسية، والجسدية، إذ يهدف البرنامج إلى تعديل سلوك المدمن مع مراعاة الاختلافات بين حالةٍ وأخرى.
الأسئلة الشائعة:
ماذا يحدث للجسم بعد التوقف عن شرب الكحول؟
سيشهد الجسم تحسنًا ملحوظًا في وظائف أعضائه المختلفة بما في ذلك: القلب، الكبد، والدماغ، هذا إلى جانب تحسن أداء الجهاز المناعي، التخلص من اضطرابات النوم، والاستمتاع بذاكرةٍ فولاذية.
هل يمكن علاج إدمان الكحول في المنزل؟
قد يُعالج إدمان الكحول في المنزل في بعض الحالات النادرة التي تغيب فيها الشراهةُ إلى الكحول، ولكن في معظم الحالات يستلزم الأمر الاستعانة بالمنشآت الصحية لعلاج الإدمان بأسلوبٍ مثالي يضمن السيطرةَ الكاملة على الأعراض الانسحابية.
كم مدة ترك الإدمان؟
تختلف مدةُ التعافي تبعًا لمستوى الإدمان ومدى استعداد المدمن للعلاج، إلا أن هذه المدة لن تقل بحالٍ من الأحوال عن 3 أشهرٍ.
الخاتمة:
بهذا القدر من المعلومات يبلغ مقالُ اليوم مشهده الختامي، فقد استعرضنا من خلاله الخطوات التي يتم المرور بها للتخلص من إدمان الكحول، ولكن تظل الإرادةُ القويةُ للمدمن عاملًا حاسمًا لإنجاح تجربة التعافي، وقطع كل سبل العودةِ لهذا السلوك الإدماني.
المصادر:
- healthline.com: How to Stop Drinking: Making a Plan That Works for You
- americanaddictioncenters.org: How to Stop Drinking: Benefits of Quitting Alcohol
- delamere.com: Quitting Alcohol How To Stop Completely
- webmd.com: What Happens to Your Body When You Stop Drinking Alcohol
- sciencedirect.com: The effects of alcohol on emotion in social drinkers