لا يبدو الطريقُ ممهدًا إذا ما تعلَّق الأمر بالتعامل مع الابن المدمن، ذلك أن الإدمان يَطال الجانبَ الجسدي والنفسي في آنٍ واحد، وهو ما يستلزم تعاملًا خاصًا من الدائرةِ الأكثر قربًا من المدمن، ألا وهي دائرةُ الأهل.
من المؤسف أن الغالبيةَ العظمى من الأهل لا تُجيد التعاملَ في مثل هذه الحالات، إذ تصب جام غضبِها على الابن بدلًا من تقديم الدعم له والنظر إلى المسببات التي قادته إلى هذا المسار، لذا سوف يكشف مقالُ اليوم عن أخطاء الأهل في التعامل مع الابن المدمن، تلك الأخطاء التي تزيد الأمر تعقيدًا وتجعل التعافي حلمًا صعبَ المنال.
أخطاء الأهل في التعامل مع الابن المدمن
- إنكار المشكلة.
- اللجوء إلى العنف.
- الإفراط في اللومِ والانتقاد.
- توفير البيئة المحفزة على مواصلة السلوك الإدماني.
- تعجُّل النتائج وعدم تقبُّل الانتكاسات.
- التحكم الزائد في حياة الابن.
- التردد حيال استشارة المراكز المختصة بإعادة التأهيل.
إنكار المشكلة
- يمثل الإنكار أول أخطاء الأهل في التعامل مع الابن المدمن، حيث يتم النظر إلى الإدمان كما لو أنه وصمةٌ اجتماعيةٌ تُلاحِق المدمنَ وذويه، ومن هذا المنطلق يبدأ الأهل في التقليل من حجم المشكلة واعتبارِها مرحلةً مؤقتة في حياةِ الابن.
- لا شك أن الإنكار في حد ذاتِه يُشكِّل خطأً فادحًا في معالجة الإدمان، إلا أن هذا الإنكار قد يكون مدفوعًا بغريزةِ الحب الفطرية، والتي تجعل الآباءَ في حالةٍ من السعي الدائمِ إلى حمايةِ أبنائهم من مواجهة الواقعِ القاسي، والعواقب المحتملة بعد الإقرار بالمشكلة.
اللجوء إلى العنف
في الوقتِ الذي يلجأ خلاله بعضُ الأهل إلى الإنكار، يرتكب البعضُ الآخر خطأً أكبر عند اتخاذ العنف كوسيلةٍ لتقويمِ سلوك الابن، وحقيقةُ الأمرِ أن العنفَ –جسديًا كان أو لفظيًا– لن يزيد الأمر إلا تعقيدًا، إذ يُعرِّض الابن إلى الصدماتِ النفسية (Psychological trauma) ويهدد مساره العلاجي.
- يتسبَّب العنف في العديد من المشكلات المرتبطة بالصحةِ النفسية، إذ يُضيف إلى المدمنِ أعباءً تقوده إلى القلقِ والاكتئاب، وبارتكابِ هذا الخطأ تتعقد المشكلة، ويستلزم الأمر المزيد من التدخلاتِ العلاجية.
- لن تنأى أصابع الاتهام عن العنف إذا تعرَّض المدمن للانتكاس (Relapse)، ففي ظل المعاناةِ المستمرةِ من الألمِ الجسدي والعاطفي الناتجِ عن العنف، يهرع المدمن إلى المادةِ المخدرة في محاولةٍ منه لاحتواءِ الألم والتكيفِ معه.
- من الضروري أن يتم اللجوء إلى المختصين بالصحةِ النفسية وتعديل السلوك، فالتعافي لا يكتمل بمجرد سحب المادةِ المخدرةِ من الجسم، بل إنه يتطلَّب علاج المشكلات النفسية الناتجةِ عن الإدمان.
الإفراط في اللومِ والانتقاد
يلتحق اللوم والانتقاد بأخطاء الأهل في التعامل مع الابن المدمن، خاصةً إن تم ذلك بصورةٍ مفرطة، إذ يؤدي هذا الأمر إلى تضخيم مشاعر الذنب لدى الابن، ما قد يدفع به إلى الإحجام عن طلب المساعدة وعدم تقبُّل فكرةَ العلاج.
يمكن للنقدِ المستمر أن يقطع روابط الثقة بين الأهلِ والابن، وفي غيابِ الثقة يغيب التواصلُ الفعال، مما ينذر بفشل المسارِ العلاجي، فمع نقص التقدير الذاتي (Self-esteem) لدى الابن، يتولد الشعور بالعجز عن إحداثِ أي تغيراتٍ إيجابيةٍ حيال إدمانِه.
توفير البيئة المحفزة على مواصلة السلوك الإدماني
- كيف يتحول الأهل من الداعمِ الأكبر إلى العائقِ الأبرز في طريقِ التعافي؟ هكذا تتبدل الأوضاع إذا أتاح الأهلُ البيئةَ المحفزة على مواصلة السلوك الإدماني، وغالبًا ما يكون هذا الخطأ هو المسبِّب الأول لوقوعِ الابن في دائرةِ الإدمان.
- يحدث ذلك عند الإفراط في تقديم الدعم المالي للابن دون أي مساءلةٍ عن نفقاتِه، وتتفاقم الأمور عندما يتستر الأهل على التصرفات الخاطئة التي تمهد لطريقِ الإدمان، مثل: مصادقة رفاق السوء والتهرب من تحديات الحياة.
تعجُّل النتائج وعدم تقبُّل الانتكاسات
- أحد أخطاء الأهل في التعامل مع الابن المدمن هو عدم الوعي بحقيقةِ الإدمان، ففي معظمِ الأحيان يعتقد الأهل أن التعافي موقوفٌ على قوة الإرادةِ وحدها، وهذا ما يسلِّط المزيد من الضغوط على المدمن، إذ يضعه في بؤرةِ الانتقادِ المستمر.
- يجب على الأهل أن يعيدوا النظر في كيفية تعاملهم مع الإدمان، ذلك أن التعافي عمليةٌ طويلةُ الأمد تتخلَّلها تقلباتٌ تصل أحيانًا إلى حد الانتكاس، لذا يوصى بالتخلِّي عن توقع التغيرات الفورية؛ نظرًا لما تسبِّبه للابن من إحباطٍ وفقدانٍ للأمل في العلاج.
التحكم الزائد في حياة الابن
- يلعب التحكم الزائد وفرض القيود المشددة دورًا بارزًا في تدهور حالة الابن المدمن، ليس فقط لأن هذا الأمر يُفقِده الثقةَ بالنفس حين يصبح مراقبًا باستمرار، ولكن لأنه يُشعِره بأن استقلاليتَه قد باتت في مرمى الخطرِ والتهديد.
- مع استمرارِ القيود يزداد الابن مقاومةً ضد التغيير، وأنكى من ذلك أنه قد يتعرض لإحدى درجات الإجهاد العاطفي، مما يضطره إلى زيادة الجرعات للتكيف مع هذه الضغوط.
التردد حيال استشارة المراكز المختصة بإعادة التأهيل
الخطأ الذي يصعب تجاوزه من بين أخطاء الأهل في التعامل مع الابن المدمن هو تسويف العلاج، فمعظم الأهل يظنون أن في وسعهم حل المشكلة بالطرق الشخصيةِ وحدها من دون تدخلٍ خارجي، وهو الأمر الذي لا يُجدي نفعًا مع الإدمان.
- يؤدي التدخل المتأخر إلى تفاقم الإدمان، مما يزيد من صعوبة العلاج، لاسِيَّما أن محاولات العلاج المنزلي تفتقر إلى الدعم المنتظم، وتعجز عن سحبِ المواد المخدرة على النحو الذي يضمن عدم تضرر الابن من أعراض انسحاب المخدرات.
- بدون الأدوات والإستراتيجيات الفعالة التي توفرها مراكز إعادة التأهيل، يكون المدمن أكثر عرضةً لخطر الانتكاس، كما أنه يهدر فرصةَ تلقِّي العلاج الشامل الذي يؤهله للاندماج مجددًا في المجتمع، مما يهدد نجاحه الأسري، الدراسي، والوظيفي.
أبرز النصائح للتعامل الصحيح مع الابن المدمن
- توفير الاحتياجات النفسية والعاطفية.
- إبعاده عن محفزات التعاطي بشتى صورِها.
- استخدام أسلوب الحوار للبحث عن حلولٍ فعالة.
- منح الابن الفرصةَ للتعافي التدريجي.
- عدم التردد بشأن طلب المساعدةِ من مراكز علاج الإدمان.
أفضل مركز لعلاج الإدمان داخل الكويت
عندما يتعلَّق الأمر بعلاج الإدمان بأشكالِه ودرجاتِه المختلفة، فإن الريادةَ والأفضليةَ تؤولان إلى مركز علاقات لعلاج الإدمان والتوجيه الأسري، حيث يقدم المركز برامج علاجيةً أثبتت فعاليتها على المستويين العلمي والعملي.
- يعمل فريق المركز على تقييم حالة المدمن بعد إخضاعِه للعديد من الفحوص الجسديةِ والنفسية، وفي ضوءِ النتائج يتم تحديد النهجِ العلاجي الملائم تبعًا للاحتياجاتِ الفرديةِ لكل حالة، مما يضمن الفعاليةَ القصوى للعلاج.
- يوفر المركز جلساتٍ فردية وأخرى جماعية، كما تُصنَّف الجلسات بناءً على جنس المدمن، ولم يغفل فريقُ المركز عن أهمية عقد جلسات عبر الإنترنت لتوجيه الأهل إلى أفضل السبل للتعامل الصحيح مع الابن، سواء خلال مرحلة الإدمان أو بعد التعافي.
وسائل التواصل مع مركز علاقات لعلاج الإدمان والتوجيه الأسري
- رقم الهاتف: 96599596350+ أو 22266551.
- حسابات التواصل الاجتماعي: Facebook، Instagram، Twitter.
- لحجز موعد: يتم ذلك باستخدام تطبيق Whatsapp.
- العنوان: الكويت – الشعب البحري – قطعة 8 – شارع ابن سلام – بناية رقم 18 – الطابق 2.
الخاتمة:
سقوط الابن في فخ الإدمان هو أحد أشد التحدياتِ قسوةً على الوالدين، ولعل هذا ما يفسر القرارات الانفعاليةَ التي تُتَّخذ حينئذٍ، والتي يكون ضررها أكثر من نفعِها، لذا أوضحنا في هذا المقال أخطاء الأهل في التعامل مع الابن المدمن لتفاديها واتخاذ المسار العلاجي الصحيح.
الأسئلة الشائعة:
يُنصَح بالدعمِ النفسي والعاطفي لكي يستمر المدمن في رحلتِه العلاجية، ومن المحبذ أن يظل الدعم متوفرًا بعد التعافي، مع إضافة النظام التحفيزي، كأن يُمنَح المتعافي امتيازاتٍ نظير ابتعادِه عن التعاطي، سواء كانت امتيازات مادية أو معنوية.
نعم، قد يقع الأهل في أخطاءٍ تؤدي إلى إقبال الأبناء على التعاطي، ومن أبرز هذه الأخطاء: التفكك الأسري، غياب التواصل الفعال مع الأبناء، وعدم توفر الرقابةِ الكافية على علاقات الأبناء بدائرةِ الأصدقاء التي تحيط بهم.
تشير الدراسات إلى أن التجارب الصادمة المرتبطة بسوء المعاملة، العنف، الإهمال، أو وفاة شخصٍ عزيز تزيد من خطر التعرض للإدمان، إذ يتم اللجوء إلى هذا السلوك باعتباره شكلًا من أشكال العلاج الذاتي للتكيف مؤقتًا مع المشاعر السلبيةِ التي تتملَّك الشخص في هذه الأثناء. كيف يدعم الأهل الابن المدمن خلال الإدمان وبعد التعافي؟
هل يمكن أن تكون الأسرة سببًا من مسببات إدمان الابن؟
ما العلاقةُ بين التعرض للصدمات والإقبال على تعاطي المواد المخدرة؟
المصادر:
- helpguide.org: Helping Someone with a Drug Addiction
- nida.nih.gov: Trauma and Stress
- healthpartners.com: 7 tips for supporting loved ones who are recovering from addiction